وقوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ تقرأ ﴿غيرُ﴾ و ﴿غيرِ﴾ قرأها شقيق بن سَلَمة (غَيْرِ) وهو وجه الكلام. وقرأها عاصم (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} فمن خفض فى الإعراب جَعَل (غير) من نعت الخالِق. ومن رفع قال: أردت بغير إلاّ، فلمّا كانت ترتفع ما بعد (إلاّ) جعلت رفع ما بعدَ (إلاّ) فى (غيرَ) كما تقول: ما قام من أحدٍ إلاَّ أبوك. وكلّ حسَنٌ. ولو نصبت (غَير) إذا أريد بها (إلاّ) كان صَوَاباً.
العرب تقول: ما أتانى أحد غَيْرَك والرفع أكثر، لأنّ (إلا) تصلح فى موضعها.
﴿ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾
وقوله: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً...﴾
يقول: شُبّه عليه عمله، فرأى سّيئه حَسَناً. ثم قال ﴿فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ فكان الجواب مُتبعاً بقوله ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ﴾ واكتُفى بإتباع الجواب بالكملة الثانية ؛ لأنها كافية من جواب الأولى: ولو أخرج الجواب كله كان: أفمن زين له سوءُ عَمله ذهبت نفسُك، أو تذهب نفسُك لأن قوله ﴿فَلاَ تَذْهَبْ﴾ نهى يدلّ عَلَى أن مَا نهى عنه قد مَضى فى صدر الكلمة. ومثله فى الكلام: إذا غضبت فلا تقتل، كأنّه كان يقتل على الغضب، فنُهى عن ذلكَ. والقراء مجتمعونَ على ﴿تَذْهَبْ نَفْسُكَ﴾ وقد ذكَر بعضهم عن أبى جعفر المَدَنِىّ (فلا تُذْهِبْ نفسَك عليهم) وكلّ صَوَابَ.
﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾