وهو كذلك شرعا إذا كانت الأرض التي فيها غير مملوكة للغير وإلا فلا "جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا" منه إلى أنبيائه يبلغونهم أوامره ونواهيه وغيرها بالوحي والتكليم، أما الإلهام والرؤيا الصادقة اللذان من جملة أقسام الوحي فليسا بواسطة الرسل - راجع بحث الوحي والإرهاص والفرق بين الوحي والإلهام في المقدمة.
مطلب جواز إضمار الموصول ولا مجال في طلب الرزق :
وقريء فطر وجعل ماضيين، على إضمار اسم الموصول على مذهب الكوفيين، وأجازه الأخفش وذهب إليه ابن مالك، وحجتهم قوله تعالى "آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ" الآية ٤٦ من سورة العنكبوت في ج ٢ أي والذي أنزل إليكم وقول حسان :
أمن يهجو رسول اللّه منكم وينصره ويمدحه سواء
أي ومن ينصره ومن يمدحه، ومثله قول الآخر :
ما الذي دأبه احتياط وعزم وهواه أطاع يستويان
أي الذي هواه أطاع.
ولم يجز البصريون حذف الموصول الاسمي البتة، وان ابن مالك اشترط لجوازه أن يكون معطوفا على موصول آخر موجود، كما هو في الآية والبيتين وما نحن فيه ليس كذلك، لعدم وجود هذا الشرط في هذه الآية، تدبّر.
ثم وصف اللّه تعالى ملائكته هؤلاء بكونهم "أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى " اثنين اثنين "وَثُلاثَ" ثلاثة ثلاثة "وَرُباعَ" أربعة أربعة.
واعلم أن العدد هنا ليس للتقييد، فالآية على حد قوله تعالى فمنهم من يمشي على رجلين الآية ٤٩ من سورة النور في ج ٣ لأن من الملائكة من له ستمائة جناح كما روى عن جبريل عليه السلام، ويوجد في الحيوانات من لها سبع وسبعون رجلا، ولكن العمدة على أربع.