قال تعالى "وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ" هنيء مريء يرطب القلب، ويشرح الصدر، وتستريح له الجوارح ويصلح للنبات كله "وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ" قريب إلى المرارة يحرق القلب، ويقطب الريق، وتعافه النفس، وتنفر منه، عديم الإرواء والإنبات، ضار غير نافع شربه للخلق والنبات، وحتى أنه يضر في مواد البناه، هذا مثل ضربه اللّه إلى المؤمن والكافر، من أنهما وإن اشتركا في بعض صفات الخلقة فإنهما لا يستويان عند اللّه وكل منهما نسبة ما شبه به "وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا" من أنواع حيواناته غضا جديدا خلقه لكم أيها الناس، وقد سماه اللّه لحما، والسمك بالعرف ليس بلحم ولهذا قال الفقهاء من حلف لا يأكل لحما فأكل سمكا لا يحنث لعدم إطلاق اسم اللحم عليه عرفا، كما لو حلف لا يركب دابة فركب إنسانا لا يحنث مع أن الإنسان داخل في معنى الدواب لغة، قال تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ) الآية ١٣ من سورة الأنفال في ج ٣ وقال (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية ٥٧ منها أيضا إلا أنه لا يسمى دابة عرفا ولا يخفى أن الأيمان مبناها على العرف، لذلك لا يحنث، وقد سموه الآن اللحم الأبيض وأدخلوه مع الطيور لخفته، وقال مالك