"وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ" بعذابها "فَيَمُوتُوا" مرة ثانية ويستريحوا منه "وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها" فيها بل يبقى مشتدا عليهم "كَذلِكَ" مثل هذا الجزاء الفظيع الذي لا تقواه القوى "نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ" ٣٦ لآياتنا جحود لنعمنا، مكذب لرسلنا، ثم بين حالهم فيها أجارنا اللّه منها بقوله "وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها" يتصايحون من شدّة الألم ودوامه بأصوات عالية، ولما لم ينفعهم ولما يرد عليهم، يعودون فيستغيثون قائلين "رَبَّنا أَخْرِجْنا" من هذا العذاب وأعدنا إلى الدنيا "نَعْمَلْ صالِحاً" كما تحب وترضى فنطيع الرسل، ونصدق الكتب، ونؤمن باليوم الآخر، ونعترف لك بالوحدانية الفردة، ونعمل يا ربنا "غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ" في الدنيا قبلا من التكذيب والجحود والإشراك، فيوبخهم اللّه تعالى بقوله "أَ وَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ" في الدنيا "ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ" لو أردتم ذلك لأنا أمهلناكم مدة كافية ما بين الخامسة عشرة من أعماركم إلى الستين، فأكثر وأقل، ولم يجدر
بكم ذلك الإمهال.
وقيل المراد بهذا العمر هو سن البلوغ الثامنة عشرة سنة فقط، أو سن الكمال الأربعون سنة، أو سن الانتهاء الستون فما فوق، وقد ذكّرناكم على لسان رسلنا وخوفناكم سوء العاقبة فلم تتذكروا ورفضتم كتبي ورسلي وأنكرتم وحدانيتي "وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ" من قبل فأبيتم قبول إرشاده، ولم تعتبروا بما جرى على من قبلكم، ولم يؤثر فيكم ما ترون من علامات الموت، وأصررتم على ظلمكم "فَذُوقُوا" عذاب النار التي كنتم تكذبون بها لأنكم ظلمة "فَما لِلظَّالِمِينَ" اليوم لدينا "مِنْ نَصِيرٍ" ٣٧ يخلصهم مما هم فيه.
هذه الآية جواب من اللّه عز وجل للظالمين وتوبيخ لهم على عدم رجوعهم إلى اللّه في الدنيا مع تمكنهم منه خلال المدة التي عاشوها فيها.