قال القاضي أبو محمد : وقيل غير هذا وهذه الإشارة إنما ذكرها من ذكرها على جهة المثال لا أن المقصود هي فقط، وإنما مثل بأشياء هي زيادات خارجة عن الغالب الموجود كثيراً وباقي الآية بين، وقوله ﴿ ما يفتح الله ﴾ ﴿ ما ﴾ شرط، و﴿ يفتح ﴾ جزم بالشرط، وقوله ﴿ من رحمة ﴾ عام في كل خير يعطيه الله تعالى للعباد جماعتهم وأفذاذهم، وقوله ﴿ من بعده ﴾ فيه حذف مضاف أي من بعد إمساكه، ومن هذه الآية سمت الصوفية ما تعطاه من الأموال والمطاعم وغير ذلك الفتوحات، ومنها كان أبو هريرة يقول مطرنا بنوء الفتح، وقرأ الآية، وقوله ﴿ يا أيها الناس ﴾ خطاب لقريش وهو متجه لكل كافر، ولا سيما لعباد غير الله، وذكرهم تعالى بنعمة الله عليهم في خلقهم وإيجادهم، ثم استفهمهم على جهة التقرير والتوقيف بقوله ﴿ هل من خالق غير الله ﴾ أي فليس إله إلا الخالق لا ما تعبدون أنتم من الأصنام، وقرأ حمزة والكسائي " غيرِ " بالخفض نعتاً على اللفظ وخبر الابتداء ﴿ يرزقكم ﴾ وهي قراءة أبي جعفر وشقيق وابن وثاب، وقرأ الباقون غير نافع بالرفع، وهي قراءة شيبة بن نصاح وعيسى والحسن بن أبي الحسن، وذلك يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها النعت على الموضع والخبر مضمر تقديره في الوجود أو في العالم وأن يكون " غيرُ " خبر الابتداء الذي هو في المجرور والرفع على الاستثناء، كأنه قال هل خالق إلا الله، فجرت " غير " مجرى الفاعل بعد ﴿ إلا ﴾، وقوله ﴿ من السماء ﴾ يريد بالمطر ومن ﴿ الأرض ﴾ يريد بالنبات، وقوله ﴿ فأنى تؤفكون ﴾ معناه فلأي وجه تصرفون عن الحق، ثم سلى نبيه ﷺ بما سلف من حال الرسل مع الأمم، و﴿ الأمور ﴾ تعم جميع الموجودات المخلوقات إلى الله مصير جميع ذلك على اختلاف أحوالها، وفي هذا وعيد للكفار ووعد للنبي ﷺ، ثم وعظ عز وجل جميع العالم وحذرهم غرور الدنيا بنعيمها وزخرفها الشاغلة عن المعاد الذي له يقول الإنسان :{ يا