قوله تعالى :﴿ إن الشيطان ﴾ الآية، يقوي قراءة من قرأ " الغَرور " بفتح الغين، وقوله ﴿ فاتخذوه عدواً ﴾ أي بالمباينة والمقاطعة والمخالفة له باتباع الشرع، و" الحزب " الحاشية والصاغية، واللام في قوله ﴿ ليكونوا ﴾ لام الصيرورة لأنه لم يدعهم إلى السعير إنما اتفق أن صار أمرهم عن دعائه إلى ذلك، و﴿ السعير ﴾ طبقة من طبقات جهنم وهي سبع طبقات، وقوله ﴿ الذين كفروا ﴾ في موضع رفع بالابتداء وهذا هو الحسن لعطف ﴿ الذين آمنوا ﴾ عليه بعد ذلك فهي جملتان تعادلتا، وجوز بعض الناس في ﴿ الذين ﴾ أن يكون بدلاً من الضمير في ﴿ يكونوا ﴾ وجوز غيره أن يكون ﴿ الذين ﴾ في موضع نصب بدلاً من ﴿ حزبه ﴾ وجوز بعضهم أن يكون في موضع خفض بدلاً من ﴿ أصحاب ﴾ وهذا كله محتمل، غير أن الابتداء أرجح. وقوله تعالى :﴿ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ﴾ توقيف وجوابه محذوف تقديره عنده الكسائي تذهب نفسك حسرات عليهم، ويمكن أن يتقدر كمن اهتدى ونحو هذا من التقدير، وأحسنها ما دل اللفظ بعد عليه، وقرأ طلحة " أمن زين " بغير فاء، وهذه الآية تسلية للنبي ﷺ عن كفر قومه، ووجب التسليم لله تعالى في إضلال من شاء وهداية من شاء، وأمر نبيه ﷺ بالإعراض عن أمرهم وأن لا يبخع نفسه أسفاً عليهم، وقرأ جمهور الناس " فلا تذهَبُ " بفتح التاء والهاء " نفسُك " بالرفع، وقرأ أبو جعفر وقتادة وعيسى والأشهب " تُذهِبَ " بضم التاء وكسر الهاء نفسك بالنصب، ورويت عن نافع، و" الحسرة " هم النفس على فوات أمر، واستشهد ابن زيد لذلك بقوله تعالى :﴿ يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ﴾ [ الزمر : ٥٦ ] ثم توعد تعالى الكفرة بقوله ﴿ إن الله عليم بما يصنعون ﴾. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon