وعن ابن عباس :﴿ من رحمة ﴾ : من باب توبة، ﴿ فلا ممسك لها ﴾ : أي يتوبون إن شاؤوا وإن أبوا، ﴿ وما يمسك ﴾ : من باب، ﴿ فلا مرسل له ﴾ من بعده، فهم لا يتوبون.
وعنه أيضاً :﴿ من رحمة ﴾ : من هداية.
قال الزمخشري : فإن قلت : فما تقول فيمن فسر الرحمة بالتوبة وعزاه إلى ابن عباس؟ قلت : أراد بالتوبة : الهداية لها والتوفيق فيها، وهو الذي أراده ابن عباس، إن قاله فمقبول، وإن أراد أنه إن شاء أن يتوب العاصي تاب، وإن لم يشأ لم يتب فمردود، لأن الله تعالى يشاء التوبة أبداً، ولا يجوز عليه أن لا يشاء بها.
انتهى، وهو على طريقة الاعتزال.
﴿ من بعده ﴾ : هو على حذف مضاف، أي من بعد إمساكه، كقوله :﴿ فمن يهديه من بعد الله ﴾ أي من بعد إضلال الله إياه، لأن قبله وأضله الله على علم، كقوله :﴿ ومن يضلل الله فلا هادي له ﴾ وقدره الزمخشري من بعد هداية الله، وهو تقدير فاسد لا يناسب الآية، جرى فيه على طريقة الاعتزال.
﴿ وهو العزيز ﴾ الغالب القادر على الإرسال والإمساك، ﴿ الحكيم ﴾ الذي يرسل ويمسك ما اقتضته حكمته.
﴿ يا أيها الناس ﴾ : خطاب لقريش، وهو متجه لكل مؤمن وكافر، ولا سيما من عبد غير الله، وذكرهم بنعمه في إيجادهم.
و﴿ اذكروا ﴾ : ليس أمراً بذكر اللسان، ولكن به وبالقلب وبحفظ النعمة من كفرانها وشكرها، كقولك لمن أنعمت عليه : اذكر أياديّ عندك، تريد حفظها وشكرها، والجميع مغمورون في نعمة الله.
فالخطاب عام اللفظ، وإن كان نزل ذلك بسبب قريش، ثم استفهم على جهة التقرير.
﴿ هل من خالق غير الله ﴾ : أي فلا إله إلا الخالق، ما تعبدون أنتم من الأصنام.
وقرأ ابن وثاب، وشقيق، وأبو جعفر، وزيد بن علي، وحمزة، والكسائي : غير بالخفض، نعتاً على اللفظ، ﴿ ومن خالق ﴾ مبتدأ.
و﴿ يرزقكم ﴾ : جوزوا أن يكون خبراً للمبتدأ، وإن يكون صفته، وأن يكون مستأنفاً، والخبر على هذين الوجهين محذوف تقديره لكم.


الصفحة التالية
Icon