المسألة الرابعة :
ما الحكمة في اختيار هذه الآية من بين الآيات مع أن الله تعالى له في كل شيء آية تدل على أنه واحد، فنقول لما ذكر الله أنه فاطر السموات والأرض، وذكر من الأمور السماوية والأرواح وإرسالها بقوله :﴿جَاعِلِ الملائكة رُسُلاً﴾ [ فاطر : ١ ] ذكر من الأمور الأرضية الرياح وإرسالها بقوله :﴿والله الذي أَرْسَلَ الرياح ﴾.
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا
لما بين برهان الإيمان إشارة إلى ما كان يمنع الكفار منه وهو العزة الظاهرة التي كانوا يتوهمونها من حيث إنهم ما كانوا في طاعة أحد ولم يكن لهم من يأمرهم وينهاهم، فكانوا ينحتون الأصنام وكانوا يقولون إن هذه آلهتنا، ثم إنهم كانوا ينقلونها مع أنفسهم وأية عزة فوق المعية مع المعبود فهم كانوا يطلبون العزة وهي عدم التذلل للرسول وترك الأتباع له، فقال إن كنتم تطلبون بهذا الكفر العزة في الحقيقة، فهي كلها لله ومن يتذلل له فهو العزيز، ومن يتعزز عليه فهو الذليل وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قال في هذه الآية :﴿فَلِلَّهِ العزة جَمِيعاً﴾ وقال في آية أخرى :﴿وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [ المنافقون : ٨ ] فقوله :﴿جَمِيعاً﴾ يدل على أن لا عزة لغيره فنقول قوله :﴿فَلِلَّهِ العزة﴾ أي في الحقيقة وبالذات وقوله :﴿وَلِرَسُولِهِ﴾ أي بواسطة القرب من العزيز وهو الله وللمؤمنين بواسطة قربهم من العزيز بالله وهو الرسول، وذلك لأن عزة المؤمنين بواسطة النبي ﷺ ألا ترى قوله تعالى :﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعونى يُحْبِبْكُمُ الله﴾ [ آل عمران : ٣١ ].
المسألة الثانية :