ما مضى، لأن قوله كما فعل بأشياعهم بيان لانقطاع رجاء من كان في شك مريب وتيقنه بأن لا قبول لتوبته ولا فائدة لقوله آمنت.
كما قال تعالى عنهم :﴿وَقَالُواْ ءَامَنَّا بِهِ وأنى لَهُمُ التناوش﴾ [ سبأ : ٥٢ ] فلما ذكر حالهم بين حال الموقن وبشره بإرساله الملائكة إليهم مبشرين، وبين أنه يفتح لهم أبواب الرحمة.
وقوله تعالى :﴿أُوْلِي أَجْنِحَةٍ مثنى وثلاث ورباع﴾ أقل ما يكون لذي الجناح أن يكون له جناحان وما بعدهما زيادة، وقال قوم فيه إن الجناح إشارة إلى الجهة، وبيانه هو أن الله تعالى ليس فوقه شيء، وكل شيء فهو تحت قدرته ونعمته، والملائكة لهم وجه إلى الله يأخذون منه نعمه ويعطون من دونهم مما يأخذوه بإذن الله، كما قال تعالى :﴿نَزَلَ بِهِ الروح الأمين * على قَلْبِكَ﴾ [ الشعراء : ١٩٣، ١٩٤ ] وقوله :﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى﴾ [ النجم : ٥ ] وقال تعالى في حقهم :﴿فالمدبرات أَمْراً﴾ [ النازعات : ٥ ] فهما جناحان، وفيهم من يفعل ما يفعل من الخير بواسطة، وفيهم من يفعله لا بواسطة، فالفاعل بواسطة فيه ثلاث جهات، ومنهم من له أربع جهات وأكثر، والظاهر ما ذكرناه أولاً وهو الذي عليه إطباق المفسرين.
وقوله تعالى :﴿يَزِيدُ فِي الخلق مَا يَشَاء﴾ من المفسرين من خصصه وقال المراد الوجه الحسن، ومنهم من قال الصوت الحسن، ومنهم من قال كل وصف محمود، والأولى أن يعمم، ويقال الله تعالى قادر كامل يفعل ما يشاء فيزيد ما يشاء وينقص ما يشاء.
وقوله تعالى :﴿إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يقرر قوله :﴿يَزِيدُ فِى الخلق مَا يَشَاءُ ﴾.
ثم قال تعالى :﴿مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾.