الألف واللام في ﴿ الحمد ﴾ لاستغراق الجنس على أتم عموم، لأن ﴿ الحمد ﴾ بالإطلاق على الأفعال الشريفة والكمال هو لله تعالى والشكر مستغرق فيه لأنه فصل من فصوله، و﴿ فاطر ﴾ معناه خالق لكن يزيد في المعنى الانفراد بالابتداء لخلقها، ومنه قول الأعرابي المتخاصم في البئر عند ابن عباس : أنا فرطتها، أراد بدأت حفرها. قتال ابن عباس ما كنت أفهم معنى ﴿ فاطر ﴾ حتى سمعت قول الأعرابي، وقرأ الجمهور " الحمد لله فطر "، وقرأ جمهور الناس " جاعلِ " بالخفض، وفرأت فرقة " جاعلُ " بالرفع على قطع الصفة، وقرأ خليد بن نشيط " جعل " على صيغة الماضي " الملائكة " نصباً، فأما على هذه القراءة الأخيرة فنصب قوله ﴿ رسلاً ﴾ على المفعول الثاني، وأما على القراءتين المتقدمتين فقيل أراد ب " جاعل " الاستقبال لأن القضاء في الأزل وحذف التنوين تخفيفاً وعمل عمل المستقبل في ﴿ رسلاً ﴾، وقالت فرقة ﴿ جاعل ﴾ بمعنى المضي و﴿ رسلاً ﴾ نصب بإضمار فعل، و﴿ رسلاً ﴾ معناه بالوحي وغير ذلك من أوامره، فجبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل رسل، والملائكة المتعاقبون رسل، والمسددون لحكام العدل رسل وغير ذلك، وقرأ الحسن " رسْلاً " بسكون السين، و﴿ أولي ﴾ جمع واحده ذو، تقول ذو نهية والقوم أولو نهي، وروي عن الحسن أنه قال في تفسير قول مريم ﴿ إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ﴾ [ مريم : ١٨ ] قال علمت مريم أن التقي ذو نهية، وقوله ﴿ مثنى وثلاث ورباع ﴾ ألفاظ معدولة من اثنين وثلاثة وأربعة عدلت في حال التنكير فتعرفت بالعدل، فهي لا تنصرف للعدل والتعريف، وقيل للعدل والصفة، وفائدة العدل الدلالة على التكرار لأن ﴿ مثنى ﴾ بمنزلة قولك اثنين اثنين، وقال قتادة : إن أنواع الملائكة هي هكذا منها ما له جناحان، ومنها ما له ثلاثة، ومنها ما له أربعة، ويشذ منها ما له أكثر من ذلك، وروي أن لجبريل ستمائة جناح منهِا اثنان تبلغ من المشرق إلى المغرب،


الصفحة التالية