فِي حُكْمِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِاحْتِرَامِ كَنَائِسِ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَبِيَعِهِمْ وَصَوَامِعِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ، وَاحْتِرَامِ مَعَابِدِ الَّذِينَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ أَيْضًا كَالْمَجُوسِ وَالصَّابِئِينَ، بَلِ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ يَعُدُّ الصَّابِئِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَمَّا الْوَثَنِيُّونَ الْخُلَّصُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ وَيَبْنُونَ الْمَسَاجِدَ لِذِكْرِ غَيْرِهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى سِوَاهُ، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهِمْ وَلَمْ يَتَوَعَّدْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ مِنْ سُخْفِهِمْ.
(أَقُولُ) : لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ هَدْمُ مَا بُنِيَ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْقِبَابِ عَلَى قُبُورِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ آلِ الْبَيْتِ، وَأَئِمَّةِ الْفِقْهِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَارْتَكَبُوا فِيهَا الْمَحْظُورَاتِ الْكَثِيرَةَ الَّتِي يُعَدُّ بَعْضُهَا مِنَ الشِّرْكِ الصَّرِيحِ وَبَعْضُهَا مِنَ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي، وَلَا سِيَّمَا الْمَعَاصِي الَّتِي تُفْعَلُ تَدَيُّنًا وَتَقَرُّبًا وَتَوَسُّلًا إِلَى اللهِ - تَعَالَى -، كَمَا تَرَى فِي كِتَابِ الزَّوَاجِرِ لِلْفَقِيهِ ابْنِ حَجَرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهِمْ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَيَحْتَجُّونَ بِهَدْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَسْجِدِ الضِّرَارِ، إِنَّمَا يَعْنِي شَيْخُنَا بِتَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ هُنَا إِبْطَالَ التَّدَيُّنِ وَالْعِبَادَةِ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، لَا إِبْطَالَ الْبِدَعِ الَّتِي شَوَّهَتِ الْإِسْلَامَ.