هَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا وَهُوَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ)... إِلَخْ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ (الْجَلَالُ) فِي تَفْسِيرِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، قَالُوا : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْجِهَتَانِ الْمَعْلُومَتَانِ لِكُلِّ أَحَدٍ ؛ وَلِذَلِكَ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - :(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (٥٥ : ١٧) وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ مَا قَالَهُ (الْجَلَالُ)، فَإِنَّ الْمُرَادَ عَلَى كُلِّ حَالٍ : أَيَّةُ جِهَةٍ اسْتَقْبَلْتَ وَتَوَجَّهْتَ إِلَيْهَا فِي صَلَاتِكَ فَأَنْتَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْجِهَاتِ لَهُ (إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ) لَا يَتَحَدَّدُ وَلَا يُحْصَرُ، فَيَصِحُّ أَنْ يُتَوَجَّهَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، (عَلِيمٌ) بِالْمُتَوَجِّهِ إِلَيْهِ أَيْنَمَا كَانَ، أَيْ فَاعْبُدِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَتَوَجَّهْ إِلَيْهِ أَيْنَمَا حَلَلْتَ، وَلَا تَتَقَيَّدْ بِالْأَمْكِنَةِ، فَإِنَّ مَعْبُودَكَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ.
أَقُولُ : بَلْ هُوَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ بَائِنًا مِنْهُ.


الصفحة التالية
Icon