ثُمَّ عَادَ الْكِتَابُ إِلَى النَّسَقِ السَّابِقِ فِي تَعْدَادِ مَخَازِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ بَعْدَمَا ذَكَرَ مِنْ وَعِيدِ مَنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ مَا ذَكَرَ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعِيدٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ :(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا)، فَهَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى - :(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) (٢ : ١١١) وَقَوْلِهِ :(وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ) (٢ : ١١٣)... إِلَخْ، وَيَصِحُّ أَنْ يُنْسَبَ هَذَا إِلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ جَمِيعًا. وَإِلَى فِرْقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ. وَوَجْهُ الْعُمُومِ أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَخْبَرَنَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ بِأَنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ : عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ، وَأَنَّ النَّصَارَى قَالَتِ : الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا : إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللهِ. وَلَا فَرْقَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تُسْنَدُ إِلَى الْأُمَمِ بَيْنَ كَوْنِهَا صَدَرَتْ مِنْ جَمِيعِ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ أَوْ صَدَرَتْ مِنْ بَعْضِهِمْ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الْإِسْنَادِ مُنْبِئٌ بِتَكَافُلِ الْأُمَمِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ. وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ كَلِمَةَ (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) قَالَهَا بَعْضُ الْيَهُودِ لَا كُلُّهُمْ. ، وَكَذَلِكَ اعْتِقَادُ كَوْنِ الْمَلَائِكَةِ بَنَاتِ اللهِ لَمْ يَكُنْ عَامًّا فِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا عُرِفَ عَنْ بَعْضِهِمْ. ثُمَّ رَدَّ عَلَى مُدَّعِي اتِّخَاذِ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ :(سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) نَزَّهَ - تَعَالَى -


الصفحة التالية
Icon