أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)
قُلْنَا : إِنَّ السِّيَاقَ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْكَلَامِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ تُجَاهَ الْقُرْآنِ وَدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ وَرَسُولِهِ إِلَى الْكَلَامِ فِي شُئُونِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهُمْ وَمَعَ النَّصَارَى وَالْوَثَنِيِّينَ، وَشَيْخُنَا لَا يَزَالُ يَجْعَلُ السِّيَاقَ وَاحِدًا غَيْرَ مُلْتَفِتٍ فِي التَّنَاسُبِ بَيْنَ الْآيَاتِ إِلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لِذَلِكَ الْمُجْمَلِ، وَقَدْ قَالَ هُنَا مَا مِثَالُهُ : الْكَلَامُ لَا يَزَالُ فِي الْقُرْآنِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ فِي الْإِيْمَانِ بِهِ وَعَدَمِ الْإِيْمَانِ، وَذَكَرَ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ آنِفًا مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ، مَا تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ عَدَمَ إِيْمَانِهِمْ بِالنَّبِيِّ وَمَا جَاءَ بِهِ غَيْرُ قَادِحٍ فِيهِ، وَلَا يَنْهَضُ شُبْهَةً عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَطَاعِنَهُمْ فِيهِ مُتَهَافِتَةٌ مَنْقُوضَةٌ بِطَعْنِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَتَخَبُّطِهِمْ فِي أَمْرِ كُتُبِهِمْ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى ذِكْرِ شُبْهَةِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُمْ جَرَوْا فِيهَا عَلَى الْأَصْلِ الْمَعْهُودِ مِنْ أَمْثَالِهِمُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ بِالضَّلَالِ فَقَالَ :(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) أَيِ الْجَاهِلُونَ بِالْكِتَابِ وَالشَّرَائِعِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. وَقَالَ (الْجَلَالُ) : إِنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينِ لَا يَعْلَمُونَ كُفَّارُ مَكَّةَ خَاصَّةً وَلَا دَلِيلَ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَيُرَجِّحُ الْعُمُومَ كَوْنُ الْآيَةِ مَدَنِيَّةً (لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللهُ) كَمَا