وَفِي الْآيَةِ مِنَ الْعِبْرَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ بُعِثُوا مُعَلِّمِينَ لَا مُسَيْطِرِينَ، وَلَا مُتَصَرِّفِينَ فِي الْأَنْفُسِ وَلَا مُكْرِهِينَ، فَإِذَا جَاهَدُوا فَإِنَّمَا يُجَاهِدُونَ دِفَاعًا عَنِ الْحَقِّ لَا إِكْرَاهًا عَلَيْهِ، وَفِيهَا أَنَّ اللهَ - تَعَالَى - لَا يُطَالِبُ النَّاسَ بِأَنْ يَأْخُذُوا عَنْهُمْ إِلَّا الْعِلْمَ الَّذِي يَهْدِيهِمْ إِلَى مَعْرِفَةِ حُقُوقِ اللهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَفِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَيَعْقُوبَ :(وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) بِالنَّهْيِ، أَيْ لَا تَسْأَلْ عَمَّا سَيُلَاقُونَ مِنَ الِانْتِقَامِ فَإِنَّهُ عَظِيمٌ، فَمِثْلُ هَذَا النَّهْيِ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهْوِيلِ لَا فِي حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ حَتَّى الْيَوْمِ.
وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَأَنَّهُ خَاصٌّ بِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ السُّؤَالِ عَنْ أَبَوَيْهِ، وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ قَبْرَيْهِمَا فَدَلَّهُ عَلَيْهِمَا، فَزَارَهُمَا وَدَعَا لَهُمَا وَتَمَنَّى لَوْ يَعْرِفُ حَالَهُمَا فِي الْآخِرَةِ وَقَالَ :(لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ أَبَوَايَ) ؟ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ
فِي ذَلِكَ. وَالْحَدِيثُ قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ : إِنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ : لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَثَرٌ مُعْضَلٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ.