ثم قال تعالى :﴿ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لَهُ الملك والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾.
أي ذلك الذي فعل هذه الأشياء من فطر السموات والأرض وإرسال الأرواح وإرسال الرياح وخلق الإنسان من تراب وغير ذلك له الملك كله فلا معبود إلا هو لذاته الكامل ولكونه ملكاً والملك مخدوم بقدر ملكه، فإذا كان له الملك كله فله العبادة كلها، ثم بين ما ينافي صفة الإلهية، وهو قوله :﴿والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾، وههنا لطيفة : وهي أن الله تعالى ذكر لنفسه نوعين من الأوصاف أحدهما : أن الخلق بالقدرة الإرادة والثاني : الملك واستدل بهما على أنه إله معبود كما قال تعالى :﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الناس * مَلِكِ الناس * إله الناس﴾ [ الناس : ١-٣ ] ذكر الرب والملك ورتب عليهما كونه إلهاً أي معبوداً، وذكر فيمن أشركوا به سلب صفة واحدة وهو عدم الملك بقوله :﴿والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾ ولم يذكر سلب الوصف الآخر لوجهين أحدهما : أن كلهم كانوا معترفين بأن لا خالق لهم إلا الله وإنما كانوا يقولون بأن الله تعالى فوض أمر الأرض والأرضيات إلى الكواكب التي الأصنام على صورتها وطوالعها فقال : لا ملك لهم ولا ملكهم الله شيئاً ولا ملكوا شيئاً وثانيهما : أنه يلزم من عدم الملك عدم الخلق لأنه لو خلق شيئاً لملكه فإذا لم يملك قطميراً ما خلق قليلاً ولا كثيراً.
إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ


الصفحة التالية
Icon