قال القاضي أبو محمد : وهذا قول يرده معتقد أهل الحق والسنة ولا يصح عن ابن عباس، والحق أن العاصي التارك للفرائض إذا ذكر الله تعالى وقال كلاماً طيباً فإنه مكتوب له متقبل منه وله حسناته وعليه سيئاته، والله تعالى يتقبل من كل من اتقى الشرك، وأيضاً فإن ﴿ الكلم الطيب ﴾ عمل صالح وإنما يستقيم قول من يقول إن العمل هو الرافع ل ﴿ الكلم ﴾ بأن يتأول أنه يزيد في رفعه وحسن موقعه إذا تعاضد معه، كما أن صاحب الأعمال من صلاة وصيام وغير ذلك إذا تخلل أعماله كلم طيب وذكر لله كانت الأعمال أشرف.
قال القاضي أبو محمد : فيكون قوله ﴿ والعمل الصالح يرفعه ﴾ موعظة وتذكرة وحضاً على الأعمال، وذكر الثعلبي أن النبي ﷺ قال :" لا يقبل الله قولاً إلا بعمل ولا عمل إلا بنية "، ومعناه قولاً يتضمن أن قائله عمل عملاً أو يعمله في الأنف، وأما الأقوال التي هي أعمال في نفوسها كالتوحيد والتسبيح فمقبولة على ما قدمناه، وقرأت فرقة " والعملَ " بالنصب " الصالحَ " على النعت وعلى هذه القراءة ف ﴿ يرفعه ﴾ مستند إما إلى الله تعالى وإما إلى ﴿ الكلم ﴾، والضمير في ﴿ يرفعه ﴾ عائد على ﴿ العمل ﴾ لا غير، وقوله ﴿ يمكرون السيئات ﴾ إما أنه عدى ﴿ يمكرون ﴾ لما أحله محل يكسبون، وإما أنه حذف المفعول وأقام صفته مقامه تقديره يمكرون المكرات السيئات، و﴿ يمكرون ﴾ معناه يتخابثون ويخدعون وهم يظهرون أنهم لا يفعلون، و﴿ يبور ﴾ معناه يفسد ويبقى لا نفع فيه، وقال بعض المفسرين يدخل في الآية أهل الربا.
قال القاضي أبو محمد : ونزول الآية أولاً في المشركين.
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا