زاد في ذلك بقوله :﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قربى﴾ أي المدعو لو كان ذا قربى لا يحمله وفي الأول كان يمكن أن يقال لا يحمله لعدم تعلقه به كالعدو الذي يرى عدوه تحت ثقل، أو الأجنبي الذي يرى أجنبياً تحت حمل لا يحمل عنه فقال :﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قربى﴾ أي يحصل جميع المعاني الداعية إلى الحمل من كون النفس وازرة قوية تحتمل وكون الأخرى مثقلة لا يقال كونها قوية قادرة ليس عليها حمل وكونه سائلة داعية فإن السؤال مظنة الرحمة، لو كان المسؤول قريباً فإذن لا يكون التخلف إلا لمانع وهو كون كل نفس تحت حمل ثقيل.
ثم قال تعالى :﴿إِنَّمَا تُنذِرُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بالغيب وَأَقَامُواْ الصلاة﴾ إشارة إلى أن لا إرشاد فوق ما أتيت به، ولم يفدهم، فلا تنذر إنذاراً مفيداً إلا الذين تمتلىء قلوبهم خشية وتتحلى ظواهرهم بالعبادة كقوله :﴿الذين آمنواْ﴾ إشارة إلى عمل القلب ﴿وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ إشارة إلى عمل الظواهر فقوله :﴿الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بالغيب وَأَقَامُواْ الصلاة﴾ في ذلك المعنى، ثم لما بين ﴿أَن لا تَزِرُ وازرة وِزْرَ أخرى﴾ بين أن الحسنة تنفع المحسنين.
فقال :﴿وَمَن تزكى فَإِنَّمَا يتزكى لِنَفْسِهِ﴾ أي فتزكيته لنفسه.
ثم قال تعالى :﴿وإلى الله المصير﴾ أي المتزكي إن لم تظهر فائدته عاجلاً فالمصير إلى الله يظهر عنده في يوم اللقاء في دار البقاء، والوازر إن لم تظهر تبعة وزره في الدنيا فهي تظهر في الآخرة إذ المصير إلى الله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٦ صـ ١٢ ـ ١٥﴾


الصفحة التالية
Icon