وقد ذكرنا فائدته ونعيدها فنقول : قال الله تعالى :﴿الم تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ﴾ فإن كان جاهلاً يقول نزول الماء بالطبع لثقله فيقال له، فالإخراج لا يمكنك أن تقول فيه إنه بالطبع فهو بإرادة الله، فلما كان ذلك أظهر أسنده إلى المتكلم ووجه آخر : هو أن الله تعالى لما قال :﴿أَنَّ الله أَنزَلَ﴾ علم الله بدليل، وقرب المتفكر فيه إلى الله تعالى فصار من الحاضرين، فقال له أخرجنا لقربه ووجه ثالث : الإخراج أتم نعمة من الإنزال، لأن الإنزال لفائدة الإخراج فأسند الأتم إلى نفسه بصيغة المتكلم وما دونه بصيغة الغائب.
اللطيفة الثانية : قال تعالى :﴿وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ ألوانها وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ الناس والدواب والأنعام مُخْتَلِفٌ ألوانه كَذَلِكَ ﴾.
كأن قائلاً قال اختلاف الثمرات لاختلاف البقاع.
ألا ترى أن بعض النباتات لا تنبت ببعض البلاد كالزعفران وغيره، فقال تعالى اختلاف البقاع ليس إلا بإرادة الله وإلا فلم صار بعض الجبال فيه مواضع حمر ومواضع بيض، والجدد جمع جدة وهي الخطة أو الطريقة، فإن قيل الواو في :﴿وَمِنَ الجبال﴾ ما تقديرها ؟ نقول هي تحتمل وجهين أحدهما : أن تكون للاستئناف كأنه قال تعالى وأخرجنا بالماء ثمرات مختلفة الألوان، وفي الأشياء الكائنات من الجبال جدد بيض دالة على القدرة، رادة على من ينكر الإرادة في اختلاف ألوان الثمار ثانيهما : أن تكون للعطف تقديرها وخلق من الجبال.


الصفحة التالية
Icon