تقدم الكلام فيه، وهو مقطوع مما قبله.
والأصل "تَوْزَر" حذفت الواو اتباعاً ليزر.
﴿ وَازِرَةٌ ﴾ نعت لمحذوف، أي نفس وازرة.
وكذا ﴿ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا ﴾ قال الفرّاء : أي نفس مثقلة أو دابة.
قال : وهذا يقع للمذكر والمؤنث.
قال الأخفش : أي وإن تدع مثقلة إنساناً إلى حملها وهو ذنوبها.
والحملْ ما كان على الظهر، والحمَلْ حمل المرأة وحملة النخلة ؛ حكاهما الكسائيّ بالفتح لا غير.
وحكى ابن السِّكيت أن حمل النخلة يفتح ويكسر.
﴿ لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قربى ﴾ التقدير على قول الأخفش : ولو كان الإنسان المدعوّ ذا قربى.
وأجاز الفرّاء ولو كان ذو قربى.
وهذا جائز عند سيبويه، ومثله ﴿ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ ﴾ [ البقرة : ٢٨٠ ] فتكون "كان" بمعنى وقع، أو يكون الخبر محذوفاً ؛ أي وإن كان فيمن تطالبون ذو عسرة.
وحكى سيبويه : الناس مجزيون بأعمالهم إن خير فخير ؛ على هذا.
وخيراً فخير ؛ على الأوّل.
وروي عن عكرمة أنه قال : بلغني أن اليهودي والنصرانيّ يرى الرجل المسلم يوم القيامة فيقول له : ألم أكن قد أسديت إليك يداً ؛ ألم أكن قد أحسنت إليك؟ فيقول بلى.
فيقول : انفعني ؛ فلا يزال المسلم يسأل الله تعالى حتى ينقص من عذابه.
وأن الرجل ليأتي إلى أبيه يوم القيامة فيقول : ألم أكن بك باراً، وعليك مشفقاً، وإليك محسناً، وأنت ترى ما أنا فيه، فهب لي حسنة من حسناتك، أو احمل عني سيئة ؛ فيقول : إن الذي سألتني يسير ؛ ولكني أخاف مثل ما تخاف.
وأن الأب ليقول لابنه مثل ذلك فيرد عليه نحواً من هذا.
وأن الرجل ليقول لزوجته : ألم أكن أحسن العِشرة لك، فاحملي عني خطيئة لعلي أنجو ؛ فتقول : إن ذلك ليسير ولكني أخاف مما تخاف منه.
ثم تلا عكرمة :﴿ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قربى ﴾.


الصفحة التالية
Icon