﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ ﴾ أي لا تحملٌ نفسٌ آثمةٌ ﴿ وِزْرَ أخرى ﴾ إثمَ نفسٍ أُخرى بل إنَّما تحملُ كلُّ منهما وزرَها. وأمَّا ما في قولِه تعالى :﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ من حملِ المضلِّين أثقالاً غيرَ أثقالِهم فهو حملُ أثقالِ إضلالِهم مع أثقالِ ضلالِهم وكلاهما أوزارُهم ليس فيها من أوزارِ غيرِهم شيء ﴿ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ ﴾ أي نفسٌ أثقلَها الأوزارُ ﴿ إلى حِمْلِهَا ﴾ لحملِ بعضِ أوزارِها ﴿ لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْء ﴾ لم تُجبَ بحملِ شيءٍ منه ﴿ وَلَوْ كَانَ ﴾ أي المدعُو المفهوم من الدَّعوةِ ﴿ ذَا قربى ﴾ ذا قرابةٍ من الدَّاعي. وقُرىء ذُو قُربى. وهذا نفيٌ للحملِ اختياراً والأوَّلُ نفيٌ له إجباراً ﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ ﴾ استئنافٌ مسوق لبيان من يتَّعظُ بما ذُكر أي إنَّما تنذر بهذه الإنذاراتِ ﴿ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بالغيب ﴾ أي يخشَونَه تعالى غائبينَ عن عذابِه أو عن النَّاسِ في خلواتِهم أو يخشَون عذابَه وهو غائبٌ عنهم ﴿ وَأَقَامُوا الصلاة ﴾ أي راعَوها كما ينبغي وجعلوها مَنَاراً منصوباً وعَلَماً مرفُوعاً أي إنما ينفعُ إنذارُك وتحذيرُك هؤلاءِ من قومِك دُون مَن عداهُم من أهل التَّمرد والعنادِ ﴿ وَمَن تزكى ﴾ أي تطهرَ من أوضار الأوزارِ والمعاصِي بالتَّاثرِ من هذهِ الإنذاراتِ ﴿ فَإِنَّمَا يتزكى لِنَفْسِهِ ﴾ لاقتصارِ نفعِه عليها كما أنَّ مَن تدنَّس بها لا يتدنَّس إلا عليها. وقُرىء من ازكَّى فإنَّما يزكَّى، وهو اعتراضٌ مقررٌ لخشيتهم وإقامِتهم الصَّلاةَ لأنَّها من معظمِ مبادِي التزكِّي ﴿ وإلى الله المصير ﴾ لا إلى أحدٍ غيرهِ استقلالاً أو اشتراكاً فيجازيهم على تزكِّيهم أحسنَ الجزاء. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon