ولما كانت أعمالهم لا تنفك عن شائبة ما، وإن خلصت فلم يكن ثوابها لأنها منّ منه سبحانه مستحقاً، علل توفيتهم لها بقوله مؤكداً إعلاماً بأنه لا يسع الناس إلا عفوه لأنه لن يقدر الله أحد حق قدره وإن اجتهد، ولو واخذ أعبد العباد بما يقع من تقصيره أهلكه ﴿إنه غفور﴾ أي بمحو النقص عن العمل ﴿شكور﴾ أي يقبله ويزيد عليه.
ولما كانت ترجمة الآية أن العلماء هم حملة الكتاب، وبدأ سبحانه بأدنى درجاتهم، وكان ذلك مما يرغب في الكتاب، أتبعه ترغيباً هو أعلى منه، فقال عاطفاً على قوله في تقرير الأصل الثاني الذي هو الرسالة ﴿إنا أرسلناك بالحق﴾ [ البقرة : ١١٩ ] وأكده دفعاً لتكذيب المكذبين به :﴿والذي أوحينا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿إليك﴾ وبين قدره بمظهر العظمة وقال مبيناً للوحي :﴿من الكتاب﴾ أي الجامع لخيري الدارين.
ولما كان الكتاب لا يطرقه نوع من أنواع التغير لأنه صفة من لا يتغير قال :﴿هو الحق﴾ أي الكامل في الثبات ومطابقة الواقع له لا غيره من الكلام ؛ وأكد حقيته بقوله :﴿مصدقاً لما بين يديه﴾ أي من الكتب الماضية الآتي لها الرسل الداعون إلى الله المؤيدون بالبراهين الساطعة والأدلة القاطعة.


الصفحة التالية
Icon