وقوله تعالى :﴿لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ﴾ أي ما يتوقعونه ولو كان أمراً بالغ الغاية ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِّن فَضْلِهِ﴾ أي يعطيهم ما لم يخطر ببالهم عند العمل، ويحتمل أن يكون يزيدهم النظر إليه كما جاء في تفسير الزيادة ﴿إِنَّهُ غَفُورٌ﴾ عند إعطاء الأجور ﴿شَكُورٌ﴾ عند إعطاء الزيادة.
ثم قال تعالى :﴿والذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الكتاب هُوَ الحق ﴾.
لما بين الأصل الأول وهو وجود الله الواحد بأنواع الدلائل من قوله :﴿والله الذي أَرْسَلَ الرياح﴾ [ فاطر : ٩ ] وقوله :﴿والله خَلَقَكُمْ﴾ [ فاطر : ١١ ] وقوله :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ﴾ [ فاطر : ٢٧ ] ذكر الأصل الثاني وهو الرسالة، فقال :﴿والذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الكتاب هُوَ الحق﴾ وأيضاً كأنه قد ذكر أن الذين يتلون كتاب الله يوفيهم الله فقال :﴿والذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الكتاب هُوَ الحق﴾ تقريراً لما بين من الأجر والثواب في تلاوة كتاب الله فإنه حق وصدق فتاليه محق ومحقق وفي تفسيرها مسائل :
المسألة الأولى : قوله :﴿مِّنَ الكتاب﴾ يحتمل أن يكون لابتداء الغاية كما يقال أرسل إلى كتاب من الأمير أو الوالي وعلى هذا فالكتاب بمكن أن يكون المراد منه اللوح المحفوظ يعني الذي أوحينا من اللوح المحفوظ إليك حق، ويمكن أن يكون المراد هو القرآن يعني الإرشاد والتبيين الذي أوحينا إليك من القرآن ويحتمل أن يكون للبيان كما يقال أرسل إلى فلان من الثياب والقماش جملة.