وحكى أبو عبيدة في بعض كتبه أنه يقال ﴿ جدد ﴾ في جمع جديد، ولا مدخل لمعنى الجديد في هذه الآية، وقرأ الزهري " جَدد " بفتح الجيم، وقوله ﴿ وغرابيب سود ﴾ لفظان لمعنى واحد، وقال النبي ﷺ :" إن الله يبغض الشيخ الغربيب "، يعني الذي يخضب بالسواد، وقدم الوصف الأبلغ، وكان حقه أن يتأخر وكذلك هو في المعنى، لكن كلام العرب الفصيح يأتي كثيراً على هذا النحو، وقوله ﴿ مختلف ألوانه ﴾ قبله محذوف إليه يعود الضمير تقديره ﴿ والأنعام ﴾ خلق ﴿ مختلف ألوانه ﴾، ﴿ والدواب ﴾ يعم الناس والأنعام لكن ذكرا تنبيهاً منهما، وقوله ﴿ كذلك ﴾ يحتمل أن يكون من الكلام الأول فيجيء الوقف عليه حسناً، وإلى هذا ذهب كثير من المفسرين، ويحتمل أن يكون من الكلام الثاني يخرج مخرج السبب كأنه قال كما جاءت القدرة في هذا كله، ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ أي المحصلون لهذه العبرة الناظرون فيها.
قال القاضي أبو محمد : وقال بعض المفسرين الخشية رأس العلم، وهذه عبارة وعظية لا تثبت عند النقد، بل الصحيح المطرد أن يقال العلم رأس الخشية، وسببها والذي ورد عن النبي ﷺ أنه قال " خشية الله رأس كل حكمة "، وقال ﷺ :" رأس الحكمة مخافة الله "، فهذا هو الكلام المنير، وقال ابن عباس في تفسير هذه الآية كفى بالزهد علماً، وقال مسروق وكفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وقال تعالى :﴿ سيذكر من يخشى ﴾ [ الأعلى : ١ ] وقال النبي ﷺ :


الصفحة التالية
Icon