وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ الذين يَتْلُونَ كتاب الله ﴾
أي يداومون على قراءته حتى صارت سمة لهم وعنواناً كما يشعر به صيغة المضارع ووقوعه صلة واختلاف الفعلين والمراد بكتاب الله القرآن فقد قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : هذه آية القراء.
وأخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس أنها نزلت في حصين بن الحرث بن عبد المطلب القرشي، ثم إن العبرة بعموم اللفظ فلذا قال السدي في التالين : هم أصحاب رسول الله ﷺ وقال عطاء : هم المؤمنون أي عامة وهو الأرجح ويدخل الأصحاب دخولاً أولياً، وقيل معنى يتلون كتاب الله يتبعونه فيعملون بما فيه، وكأنه جعل يتلو من تلاه إذا تبعه أو حمل التلاوة المعروفة على العمل لأنها ليس فيها كثير نفع دونه، وقد ورد "رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه" ويشعر كلام بعضهم باختيار المعنى المتبادر حيث قال : إنه تعالى لما ذكر الخشية وهي عمل القلب ذكر بعدها عمل اللسان والجوارح والعبادة المالية، وجوز أن يراد بكتاب الله تعالى جنس كتبه عز وجل الصادق على التوراة والإنجيل وغيرهما فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين بقوله تعالى :﴿ وَإِن يُكَذّبُوكَ ﴾ [ فاطر : ٢٥ ] الخ والمضارع لحكاية الحال الماضية، والمقصود من الثناء عليهم وبيان ما لهم حث هذه الأمة على اتباعهم وأن يفعلوا نحو ما فعلوا، والوجه الأول أوجه كما لا يخفى وعليه الجمهور.


الصفحة التالية
Icon