ثم قال تعالى :﴿الذي أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ﴾ أي دار الإقامة، لما ذكر الله سرورهم وكرامتهم بتحليتهم وإدخالهم الجنات بين سرورهم ببقائهم فيها وأعلمهم بدوامها حيث قالوا :﴿الذي أَحَلَّنَا دَارَ المقامة﴾ أي الإقامة والمفعول ربما يجيء للمصدر من كل باب يقال ما له معقول أي عقل، وقال تعالى :﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ [ الإسراء : ٨٠ ] وقال تعالى :﴿ومزقناهم كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ [ سبأ : ١٩ ] وكذلك مستخرج للاستخراج وذلك لأن المصدر هو المفعول في الحقيقة، فإنه هو الذي فعل فجاز إقامة المفعول مقامه وفي قوله :﴿دَارَ المقامة﴾ إشارة إلى أن الدنيا منزلة ينزلها المكلف ويرتحل عنها إلى منزلة القبور ومنها إلى منزلة العرصة التي فيها الجمع ومنها التفريق.
وقد تكون النار لبعضهم منزلة أخرى والجنة دار المقامة، وكذلك النار لأهلها وقولهم ﴿مِن فَضْلِهِ﴾ أي بحكم وعده لا بإيجاب من عنده.