ثم قال تعالى :﴿فَذُوقُواْ فَمَا للظالمين مِن نَّصِيرٍ﴾ وقوله :﴿فَذُوقُواْ﴾ إشارة إلى الدوام وهو أمر إهانة، فما للظالمين الذين وضعوا أعمالهم وأقوالهم في غير موضعها وأتوا بالمعذرة في غير وقتها من نصير في وقت الحاجة ينصرهم، قال بعض الحكماء قوله :﴿فَمَا للظالمين مِن نَّصِيرٍ﴾ وقوله :﴿وَمَا للظالمين مِنْ أَنصَارٍ﴾ [ البقرة : ٢٧٠ ] يحتمل أن يكون المراد من الظالم الجاهل جهلاً مركباً، وهو الذي يعتقد الباطل حقاً في الدنيا وما له من نصير أي من علم ينفعه في الآخرة، والذي يدل عليه هو أن الله تعالى سمى البرهان سلطاناً، كما قال تعالى :﴿فأتُوناْ بسلطان﴾ [ ابراهيم : ١٠ ] والسلطان أقوى ناصر إذ هو القوة أو الولاية وكلاهما ينصر والحق التعميم، لأن الله لا ينصره وليس غيره نصيراً فما لهم من نصير أصلاً، ويمكن أن يقال إن الله تعالى قال في آل عمران ﴿وَمَا للظالمين مِنْ أَنصَارٍ﴾ [ آل عمران : ١٩٢ ] وقال :﴿فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ الله وَمَا لَهُمْ مّن ناصرين﴾ [ الروم : ٢٩ ] وقال ههنا :﴿فَمَا للظالمين مِن نِّصِيرٍ﴾ أي هذا وقت كونهم واقعين في النار، فقد أيس كل منهم من كثير ممن كانوا يتوقعون منهم النصرة ولم يبق إلا توقعهم من الله فقال : ما لكم من نصير أصلاً، وهناك كان الأمر محكياً في الدنيا أو في أوائل الحشر، فنفى ما كانوا يتوقعون منهم النصرة وهم آلهتهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٦ صـ ٢٦ ـ ٢٨﴾


الصفحة التالية
Icon