فصل
قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿والذين كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ﴾ عطف على قوله :﴿إِنَّ الذين يَتْلُونَ كتاب الله﴾ [ فاطر : ٢٩ ]
وما بينهما كلام يتعلق بالذين يتلون كتاب الله على ما بينا وقوله :﴿جنات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ [ فاطر : ٣٣ ] قد ذكرنا أنه على بعض الأقوال راجع إلى ﴿الذين يَتْلُونَ كتاب الله ﴾.
ثم قال تعالى :﴿لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ﴾ أي لا يستريحون بالموت بل العذاب دائم.
وقوله تعالى :﴿وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾ أي النار وفيه لطائف : الأولى : أن العذاب في الدنيا إن دام كثيراً يقتل فإن لم يقتل يعتاده البدن ويصير مزاجاً فاسداً متمكناً لا يحس به المعذب، فقال عذاب نار الآخرة ليس كعذاب الدنيا، إما أن يفنى وإما أن يألفه البدن بل هو في كل زمان شديد والمعذب فيه دائم الثانية : راعى الترتيب على أحسن وجه وذلك لأن الترتيب أن لا ينقطع العذاب، ولا يفتر فقال لا ينقطع ولا بأقوى الأسباب وهو الموت حتى يتمنون الموت ولا يجابون كما قال تعالى :﴿وَنَادَوْاْ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [ الزخرف : ٧٧ ] أي بالموت الثالثة : في المعذبين اكتفى بأنه لا ينقص عذابهم، ولم يقل نزيدهم عذاباً.
وفي المثابين ذكر الزيادة بقوله :﴿وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ﴾ [ النساء : ١٧٣ ] ثم لما بين أن عذابهم لا يخفف.
قال تعالى :﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا﴾ أي لا يخفف وإن اصطرخوا واضطربوا لا يخفف الله من عنده إنعاماً إلى أن يطلبوه بل يطلبون ولا يجدون والاصطراخ من الصراخ والصراخ صوت المعذب.