يتعاطونه قولهم إن الأصنام تقرب من الله زلفى ونحوه مما يغبطهم، ولما ذكر تعالى ما يبين فساد أمر الأصنام وقف على الحجة على بطلانها عقب ذلك بذكر عظمته وقدرته ليبين الشيء بضده، وتتأكد حقارة الأصنام بذكر عظمة الله تعالى، فأخبر عن إمساكه السماوات والأرض بالقدرة، وقوله ﴿ أن تزولا ﴾ معناه كراهة ﴿ أن تزولا ﴾، ومعنى الزوال هنا التنقل من مكانها والسقوط من علوها، وقال بعض المفسرين معناه ﴿ أن تزولا ﴾ عن الدوران، ويظهر من قول عبد الله بن مسعود أن السماء لا تدور وإنما تجري فيها الكواكب وذلك أن الطبري أسند أن جندباً الجبلي رحل إلى كعب الأحباري ثم رجع فقال له عبد الله بن مسعود : حدثنا ما حدثك، فقال : حدثني أن السماء في قطب كقطب الرحا، والقطب عمود على منكب ملك، فقال له عبد الله بن مسعود : لوددت أنك افتديت رحلته بمثل راحلتك ورحلك، ثم قال : ما تمكنت اليهودية في قلب عبد فكادت أن تفارقه، ثم قال :﴿ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ﴾ وكفى بها زوالاً أن تدور، ولو دارت لكانت قد زالت، وقوله ﴿ ولئن زالتا ﴾ قيل أراد يوم القيامة عند طي السماء ونسف الجبال، فكأنه قال ولئن جاء وقت زوالهما، وقيل بل ذلك على جهة التوهم والفرض، ولئن فرضنا زوالهما فكأنه قال ولو زالتا، وقال بعضهم ﴿ لئن ﴾ في هذا الموضع بمعنى لو.
قال القاضي أبو محمد : وهذا قريب من الذي قبله، وقرأ ابن أبي عبلة " ولو زالتا " وقوله ﴿ من بعده ﴾ فيه حذف مضاف تقديره من بعد تركه الإمساك، وقالت فرقة : اتصافه بالحلم والغفران في هذه الآية إنما هو إشارة إلى أن السماء كادت تزول والأرض كذلك لإشراك الكفرة فيمسكهما الله حلماً منه عن المشركين وتربصاً ليغفر لمن آمن منهم، كما قال في آية أخرى ﴿ تكاد السماوات يتفطرن ﴾ [ مريم : ٩٠ ] [ الشورى : ٥ ].