قال : كذب كعب، أما ترك يهوديَّته بعدُ! إن الله تعالى يقول :"إِن الله يُمسِك السموات والأرض أن تزولا" والسموات سبع والأرضون سبع، ولكن لما ذكّرهما أجراهما مجرى شيئين، فعادت الكناية إليهما، وهو كقوله تعالى :﴿ أَنَّ السماوات والأرض كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ [ الأنبياء : ٣٠ ] ثم ختم الآية بقوله :﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾ لأن المعنى فيما ذكره بعض أهل التأويل : أن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا من كفر الكافرين، وقولِهم اتخذ الله ولداً.
قال الكلبي : لما قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله، كادت السموات والأرض أن تزولا عن أمكنتهما، فمنعهما الله، وأنزل هذه الآية فيه ؛ وهو كقوله تعالى :﴿ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ﴾ [ مريم : ٨٩ ٩٠ ] الآية.
قوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ ﴾ هم قريش أقسموا قبل أن يبعث الله رسوله محمداً ﷺ، حين بلغهم أن أهل الكتاب كذّبوا رسلهم، فلَعنوا مَن كذّب نبيَّه منهم، وأقسموا بالله جلّ اسمه ﴿ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ ﴾ أي نبيّ ﴿ لَّيَكُونُنَّ أهدى مِنْ إِحْدَى الأمم ﴾ يعني ممن كذّب الرسل من أهل الكتاب.
وكانت العرب تتمنى أن يكون منهم رسول كما كانت الرسل من بني إسرائيل، فلما جاءهم ما تمنَّوْه وهو النذير من أنفسهم، نفروا عنه ولم يؤمنوا به.
﴿ استكبارا ﴾ أي عُتُوًّا عن الإيمان ﴿ وَمَكْرَ السيىء ﴾ أي مكر العمل السيىء وهو الكفر وخَدْع الضعفاء، وصدّهم عن الإيمان ليكثر أتباعهم.
وأنّث "مِن إِحدى الأمم" لتأنيث أُمّة ؛ قاله الأخفش.
وقرأ حمزة والأخفش "ومكر السَّيِّىء وَلا يَحِيق الْمَكْرُ السَّيِّىءُ" فحذف الإعراب من الأوّل وأثبته في الثاني.
قال الزجاج : وهو لحن ؛ وإنما صار لحناً لأنه حذف الإعراب منه.