وقوله تعالى :﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْءٍ فِى السموات وَلاَ فِى الأرض إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً﴾ يحتمل وجهين أحدهما : أن يكون بياناً لهم أي أن الأولين مع شدة قوتهم ما أعجزوا الله وما فاتوه فهم أولى بأن لا يعجزوه والثاني : أن يكون قطعاً لأطماع الجهال فإن قائلاً لو قال : هب أن الأولين كانوا أشد قوة وأطول أعماراً لكنا نستخرج بذكائنا ما يزيد على قواهم ونستعين بأمور أرضية لها خواص أو كواكب سماوية لها آثار فقال تعالى :﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْء فِى السموات وَلاَ فِى الأرض إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً﴾ بأفعالهم وأقوالهم :﴿قَدِيراً﴾ على إهلاكهم واستئصالهم.
وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
لما خوف الله المكذبين بمن مضى وكانوا من شدة عنادهم وفساد اعتقادهم يستعجلون بالعذاب ويقولون عجل لنا عذابنا فقال الله : للعذاب أجل والله لا يؤاخذ الله الناس بنفس الظلم فإن الإنسان ظلوم جهول، وإنما يؤاخذ بالإصرار وحصول يأس الناس عن إيمانهم ووجود الإيمان ممن كتب الله إيمانه فإذا لم يبق فيهم من يؤمن يهلك المكذبين ولو آخذهم بنفس الظلم لكان كل يوم إهلاك وفيه مسائل :
المسألة الأولى :