اثبت الحكماء النفس للفلك، وصرح بعضهم بإثباتها للكواكب أيضا وقالوا كل ما في العالم العلوي والسفلي من الكواكب الأفلاك الكلية والجزئية والتداوير حيّ ناطق، والأنفس الناطقة الإنسانية إذا كانت قدسية قد تنسلخ من الأبدان وتذهب متمثلة ظاهرة بصور أبدانها أو بصور أخرى كما تمثل جبريل عليه السلام وظهر لحضرة المصطفى وأصحابه بصورة دحية الكلبي أو بصورة بعض الأعراب كما جاء بالحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن عمر رضي اللّه عنه قال بينما نحن جلوس عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فاسند ركبته إلى ركبتيه ودفع كفيه على فخذيه، وقال يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا.
قال صدقت، فتعجبنا له يسأله ويصدقه، قال : فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن باللّه وملائكته
وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال صدقت، قال فأخبرني عن الإحسان، قال أن تعبد اللّه كأنك تراه فان لم تكن تراه فإنه يراك، قال فأخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال فأخبرني عن أماراتها قال : أن تلد الأمة ربّنها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان، ثمّ انطلق فلبثت مليا ثم قال يا عمر أتدري من السائل ؟
قلت : اللّه ورسوله أعلم، قال فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.


الصفحة التالية
Icon