والقضية التي يشتد عليها التركيز في السورة هي قضية البعث والنشور، وهي تتردد في مواضع كثيرة في السورة. تجيء في أولها:(إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين).. وتأتي في قصة أصحاب القرية، فيما وقع للرجل المؤمن. وقد كان جزاؤها العاجل في السياق:(قيل: ادخل الجنة. قال: يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين).. ثم ترد في وسط السورة:(ويقولون: متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون).. ثم يستطرد السياق إلى مشهد كامل من مشاهد القيامة. وفي نهاية السورة ترد هذه القضية في صورة حوار (وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه. قال: من يحيي العظام وهي رميم ؟ قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم..
هذه القضايا المتعلقة ببناء العقيدة من أساسها، تتكرر في السور المكية. ولكنها تعرض في كل مرة من زاوية معينة، تحت ضوء معين، مصحوبة بمؤثرات تناسب جوها، وتتناسق مع إيقاعها وصورها وظلالها.
هذه المؤثرات منتزعة في هذه السورة من مشاهد القيامة - بصفة خاصة - ومن مشاهد القصة ومواقفها وحوارها. ومن مصارع الغابرين على مدار القرون. ثم من المشاهد الكونية الكثيرة المتنوعة الموحية: مشهد الأرض الميتة تدب فيها الحياة. ومشهد الليل يسلخ منه النهار فإذا هو ظلام. ومشهد الشمس تجري لمستقر لها. ومشهد القمر يتدرج في منازله حتى يعود كالعرجون القديم. ومشهد الفلك المشحون يحمل ذرية البشر الأولين. ومشهد الأنعام مسخّرة للآدميين. ومشهد النطفة ثم مشهدها إنساناً وهو خصيم مبين ! ومشهد الشجر الأخضر تكمن فيه النار التي يوقدون !