وقرأ أبو رَزِين - وكان من أصْحَاب عبدالله - ﴿أََأَنْ ذُكِّرتم﴾ ومَن كسر قال ﴿أَئِن﴾ جَعَله جزاء أُدخِل عليه ألف استفهام. وقد ذُكر عن بعض القرّاء (طائركم معكم أين ذُكِّرْتم) و ﴿ذُكِرتم﴾ يريد: طائركم معكم حيثما كنتم. والطائر هَا هنا: الأعمال والرزق. يقول: هو فى أعناقكم. ومن جَعَلها ﴿أَين﴾ فينبغى له أن يخفّف ﴿ذكرتم﴾ وقد خَفّف أبو جَعفر المدنىّ ﴿ذُكرتم﴾ ولا أحفظ عنه (أين).
﴿ إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾
وقوله: ﴿إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ...﴾
أى فاشهدُوا لى بذلكَ. يقوله حبِيب للرسل الثلاثة.
﴿ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾
وقوله: ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي...﴾
و(بمَا) تكون فى موضع (الذى) وتكون (ما) و (غفر) فى موضع مصدر. ولو جَعلت (مَا) فى معنى (أىّ) كان صَواباً. يكون المعْنى: ليتهم يَعلمونَ بأىّ شىء غَفَر لى رَبِّى. ولو كان كذلك لجاز له فيه: ﴿بِمَ غَفَرَ لِي رَبِّي﴾ بنُقصان الألف. كما تقول. سَلْ عَمَّ شئت، وكما: قال ﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُون﴾ وقد أتمَّها الشاعر وهى استفهام فقال:
إنا قتلنا بقتلانا سَرَاتَكُمُ * أهلَ اللواء ففِيما يُكثَر القِيل
﴿ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴾
وقوله: ﴿إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً...﴾
نصبتها القراء، إلا أبا جعفر، فإنه رفعها، عَلَى ألاّ يُضمِر فى (كانت) اسماً. والنصب إذا اضْمرت فيها ؛ كما تقول: اذهب فليس إلاّ اللهُ الواحد القهّارُ والواحدَ القهَّار، على هذا التفسير، وسمعت بعض العرب يقول لرجل يصفه بالخِبّ: لو لم يكن إلاّ ظِلُّه لخَابَّ ظِلُّه. والرفع والنصب جَائزان. وقد قرأت القراء (إلاّ أنْ تكونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً) بالرفع والنصب. وهذا مِن ذاكَ.