إلى مقدار مجاريها: المقدار المستقر. من قال: ﴿لا مستقرّ لهَا﴾ أو ﴿لا مُسْتَقَرٌّ لها﴾ فهما وجهان حَسَنانِ، جعلهَا أبداً جاريةً. وأمّا أن يخفض المستقرَّ فلا أدرى ما هو.
﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ الْقَدِيمِ ﴾
وقوله: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ...﴾
الرفع فيه أعجب إلىّ من النصب، لأنه قال ﴿وآيةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ﴾ ثم جعل الشمس والقمر مُتبَعين لليل وهما فى مذهبه آيات مثله. ومَن نصبَ أراد: وقدَّرنَا القمر منازل، كما فعلنا بالشمس. فردّه على الهاء من الشمس فى المعْنى، لا أنه أوقع عليه ما أوقع عَلَى الشمس. ومثله فى الكلام: عبدالله يقوم وجَاريتَه يضربها، فالجارية مردودة عَلَى الفعل لا عَلَى الاسمن لذلكَ نصبناهَا ؛ لأنَّ الواو التى فيها للفعْل المتأخّر.
وقوله: ﴿كَالعُرجُونِ﴾ والعُرْجون ما بين الشمَاريخ إلى النابت فى النخلة. والقديم فى هذا الموضع: الذى قد أتى عليه حول.
﴿ لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ وَلاَ الْلَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾
وقوله: ﴿لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القَمَرَ...﴾
يقول: تطلع ليلا، ولا أن يسبق الليل النهار، يقول: ولا القمر له أن يطلُع نهاراً، أى لا يكون له ضَوء. ويقال: لا ينبغى للشمس أن تدرِك القمر فتُذْهِبَ ضوءه، ولا أن يسبق الليلُ النهار فيظلمه. وموضع ﴿أَن تدْرِكَ﴾ رفع.
﴿ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴾
وقوله: ﴿ذُرِّيَّتَهُمْ...﴾
إنما يخاطب أهل مكَّة، فجعَل الذرّية التى كانت مع نوح لأهل مكَّة ؛ لأنها أصْل لهم، فقال: ﴿ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ هم أبناء الذُرِّيَّة.
﴿ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ...﴾


الصفحة التالية
Icon