علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي في تفسيره لباب التأويل في معاني التنزيل نزلت هذه الآية في أبي جهل وأصحابه المخزوميين، لانه حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخنّ رأسه، فأتاه في المسجد ليدمغه بحجر في يده، فلما رفعه انثنت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده، فأخبر أصحابه بما رأى، فقال له رجل من بني مخزوم أنا أقتله بهذا الحجر، فأتاه ليرميه به، فأعمى اللّه بصره عنه، فرجع إلى أصحابه وقال ما رأيته، ولقد سمعت صوته وحال بيني وبينه كهيئة الفحل (يطلق على الذكر من كل حيوان وخصه بعضهم بالذكر القوي في الدواب ويراد به هنا واللّه أعلم ذكر الأفعى بدليل قوله) يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني، فأنزل اللّه فيهم هذه الآية وهذا إنما يصح إذا كان صلى اللّه عليه وسلم يتعبد بصلاة يتعاطاها كما سبق في الآية ١٨ من سورة الجن المارة، فراجعها ففيها ما فيها.
ولا يخفى أن الآية هنا عامة وأن شمولها لهذه الحادثة على فرض صحتها لا يخصصها فيها بل يدخل فيها أبو جهل وغيره من كل من لم يؤمن به قال تعالى "وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا"
أي قدامهم "وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا" من ورائهم "فَأَغْشَيْناهُمْ" بالسدين المذكورين وغطيناهم بهما غطاء محكما، وقرىء فأعشيناهم بالعين من العشاء وهو ضعف البصر، والأول أبلغ وقرىء سدا بضم السين وفتحها، وقيل ما كان من فعل الناس فهو بالفتح وما كان من خلق اللّه فهو بالضم، وقيل بالعكس "فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ" ٩ سبل الهدى لانهم يتعامون عن النظر في آيات اللّه فلا يستطيعون الخروج من الكفر إلى الإيمان.