ولما كان الإنسان قد يفعل ما لا يؤخذ أثره فقالوا معبرين بالمس دون الإمساس :﴿وليمسنكم منا﴾ أي عاجلاً لا من غيرنا كما تقولون أنتم في تهديدكم إيانا بما يحل بنا ممن أرسلكم ﴿عذاب أليم﴾ حتى تنتهوا عنا لنكف عن إيلامكم ﴿قالوا﴾ أي الرسل :﴿طائركم﴾ أي شومكم الذي أحل بكم البلاء ﴿معكم﴾ وهو أعمالكم القبيحة التي منها تكذيبكم.
ولما كان لم يبد منهم غير ما يقتضي عند النظر الصحيح التيمن والبركة، وهو التذكير بالله الذي بيده الخير كله، أنكروا عليهم تطيرهم منهم على وجه مبين أنه لا سبب لذلك غيره فقالوا :﴿أئن ذكرتم﴾ أي الأجل إن حصل لكم تذكير بالله تطيرتم بنا؟ ولما كان ذلك لا يصح أن يكون سبباً للتطير بوجه، أضربوا عنه منبهين لهم على أن موضع الشوم إسرافهم لا غير فقالوا :﴿بل﴾ أي ليس الأمر كما زعمتم في أن التذكير سبب للتطير بل ﴿أنتم قوم﴾ أي غركم ما آتاكم الله من القوة على القيام فيما تريدون ﴿مسرفون﴾ أي عادتكم الخروج عن الحدود والطغيان فعوقبتم لذلك. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٢٤٩ ـ ٢٥٢﴾


الصفحة التالية
Icon