قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦)
إشارة إلى أنهم بمجرد التكذيب لم يسأموا ولم يتركوا، بل أعادوا ذلك لهم وكرروا القول عليهم وأكدوه باليمين وقالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وأكدوه باللام، لأن يعلم الله يجري مجرى القسم، لأن من يقول يعلم الله فيما لا يكون قد نسب الله إلى الجهل وهو سبب العقاب، كما أن الحنث سببه، وفي قوله :﴿رَبُّنَا يَعْلَمُ﴾ إشارة إلى الرد عليهم حيث قالوا أنتم بشر، وذلك لأن الله إذا كان يعلم أنهم لمرسلون، يكون كقوله تعالى :﴿الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [ الأنعام : ١٢٤ ] يعني هو عالم بالأمور وقادر، فاختارنا بعلمه لرسالته.
وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٧)
تسلية لأنفسهم، أي نحن خرجنا عن عهدة ما علينا وحثاً لهم على النظر، فإنهم لما قالوا :﴿مَا عَلَيْنَا إِلاَّ البلاغ﴾ كان ذلك يوجب تفكرهم في أمرهم حيث لم يطلبوا منهم أجراً ولا قصدوا رياسة، وإنما كان شغلهم التبليغ والذكر، وذلك مما يحمل العاقل على النظر و ﴿المبين﴾ يحتمل أموراً أحدها : البلاغ المبين للحق عن الباطل، أي الفارق بالمعجزة والبرهان وثانيها : البلاغ المظهر لما أرسلنا للكل، أي لا يكفي أن نبلغ الرسالة إلى شخص أو شخصين وثالثها : البلاغ المظهر للحق بكل ما يمكن، فإذا تم ذلك ولم يقبلوا يحق هنالك الهلاك.
قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٨)