فدعا الله لهم فناموا بمكانهم، فهبُّوا من نومتهم وقد حملتهم الملائكة فألقتهم بأرض أنطاكية، فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم ؛ فذلك قوله :﴿ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس ﴾ فقالوا جميعاً :﴿ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ تأكلون الطعام وتمشون في الأسواق ﴿ وَمَآ أَنَزلَ الرحمن مِن شَيْءٍ ﴾ يأمر به ولا ( من شيء ) ينهى عنه ﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ﴾ في دعواكم الرسالة ؛ فقالت الرسل :﴿ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ ﴾ وإن كذبتمونا ﴿ وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ البلاغ المبين ﴾ في أن الله واحد ﴿ قالوا ﴾ لهم ﴿ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ﴾ أي تشاءمنا بكم.
قال مقاتل : حبس عنهم المطر ثلاث سنين فقالوا هذا بشؤمكم.
ويقال : إنهم أقاموا ينذرونهم عشر سنين.
﴿ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ ﴾ عن إنذارنا ﴿ لَنَرْجُمَنَّكُمْ ﴾ قال الفراء : لنقتلنكم.
قال : وعامة ما في القرآن من الرجم معناه القتل.
وقال قتادة : هو على بابه من الرجم بالحجارة.
وقيل : لنشتمنكم ؛ وقد تقدّم جميعه.
﴿ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ قيل : هو القتل.
وقيل : هو التعذيب المؤلم.
وقيل : هو التعذيب المؤلم قبل القتل كالسلخ والقطع والصلب.
فقالت الرسل :﴿ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ ﴾ أي شؤمكم معكم أي حظكم من الخير والشر معكم ولازمٌ في أعناقكم، وليس هو من شؤمنا ؛ قال معناه الضحاك.
وقال قتادة : أعمالكم معكم.
ابن عباس : معناه الأرزاق والأقدار تتبعكم.
الفراء :"طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ" رزقكم وعملكم ؛ والمعنى واحد.
وقرأ الحسن :"اطيركم" أي تطيركم.
﴿ أَإِن ذُكِّرْتُم ﴾ قال قتادة : إن ذكرتم تطيرتم.
وفيه تسعة أوجه من القراءات : قرأ أهل المدينة :"أَيِنْ ذُكِّرْتُمْ" بتخفيف الهمزة الثانية.
وقرأ أهل الكوفة :"أَإِنْ" بتحقيق الهمزتين.