أي كوكب المشتري، و ( بولسَ ) ( هُرمسَ ) أي كوكب عطارد وجاءهما كاهن ( زفس ) بثيران ليذبحها لهما، وأكاليل ليضعها عليهما، فلما رأى ذلك ( بولس وبرنابا ) مزّقا ثيابهما وصرخا :"نحن بشر مثلكم نعظكم أن ترجعوا عن هذه الأباطيل إلى الإِله الحي الذي خلق السماوات والأرض" الخ.
وصالح لأن يصدر من اليهود الذين لم يتنصّروا لأن ذلك القول يقتضي أنهما وبقية اليهود سواء وأن لا فضل لهما بما يزعمون من النبوءة ويقتضي إنكار أن يكون الله أنزل شيئاً، أي بعد التوراة.
فمن إعجاز القرآن جمع مقالة الفريقين في هاتين الجملتين.
واختيار وصف ﴿ الرحمان ﴾ في حكاية قول الكفرة ﴿ وما أنزل الرحمان من شيء ﴾ لكونه صالحاً لعقيدة الفريقين لأن اليونان لا يعرفون اسم الله، وربُّ الأرباب عندهم هو ( زفس ) وهو مصدر الرحمة في اعتقادهم، واليهود كانوا يتجنبون النطق باسم الله الذي هو في لغتهم ( يَهْوَه ) فيعوضونه بالصفات.
والاستثناء في ﴿ إن أنتم إلا تكذبون ﴾ استفهام مفرغ من أخبار محذوفة فجملة ﴿ تكذبون ﴾ في موضع الخبر عن ضمير ﴿ أنتم ﴾.
قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (١٧)
حكيت هذه المحاورة على سنن حكاية المحاورات بحكاية أقوال المتحاورين دون عطف.
و﴿ ربنا يعلم ﴾ قَسَم لأنه استشهاد بالله على صدق مقالتهم، وهو يمين قديمة انتقلها العرب في الجاهلية فقال الحارث بن عَبَّاد :
لم أكن من جُناتِها عَلِم الل
ه وإنِي لِحرّها اليومَ صالي...
ويظهر أنه كان مغلّظاً عندهم لقلة وروده في كلامهم ولا يَكاد يقع إلا في مقام مهم.
وهو عند علماء المسلمين يمين كسائر الأيمان فيها كفارة عند الحِنث.
وقال بعض علماء الحنفية : إن لهم قولاً بأن الحالف به كاذباً تلزمه الردّة لأنه نسب إلى علم الله ما هو مخالف للواقع، فآل إلى جعل علم الله جهلاً.


الصفحة التالية
Icon