وهذا في غاية الحسن وذلك من حيث إنه لما قال :﴿اتبعوا المرسلين﴾ كأنهم منعوا كونهم مرسلين فنزل درجة وقال لا شك أن الخلق في الدنيا سالكون طريقة وطالبون للاستقامة، والطريق إذا حصل فيه دليل يدل يجب اتباعه، والامتناع من الاتباع لا يحسن إلا عند أحد أمرين، إما مغالاة الدليل في طلب الأجرة، وإما عند عدم الاعتماد على اهتدائه ومعرفته الطريق، لكن هؤلاء لا يطلبون أجرة وهم مهتدون عالمون بالطريقة المستقيمة الموصلة إلى الحق، فهب أنهم ليسوا بمرسلين هادين، أليسوا بمهتدين، فاتبعوهم.
ثم قال تعالى :﴿وما لِيَ لا أعبد الذي فطرني﴾ لما قال :﴿وَهُمْ مُّهْتَدُونَ﴾ [ يس : ٢١ ] بين ظهور اهتدائهم بأنهم يدعون من عبادة الجماد إلى عبادة الحي القويم، ومن عبادة ما لا ينفع إلى عبادة من منه كل نفع وفيه لطائف : الأولى قوله :﴿مَالِيَ﴾ أي مالي مانع من جانبي.


الصفحة التالية
Icon