﴿ يا حسرة عَلَى العباد ﴾ الحسرة على ما قال الراغب الغم على ما فات والندم عليه كأن المتحسر انحسر عنه قواه من فرط ذلك أو ادركه إعياء عن تدارك ما فرط منه، وفي البحر هي أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية بعده حتى يبقى حسيراً، والظاهر أن ﴿ يا ﴾ للنداء و﴿ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ﴾ هو المنادي ونداؤها مجاز بتنزيلها منزلة العقلاء كأنه قيل : يا حسرة احضري فهذا الحال من الأحوال التي من حقها أن تحضري فيها وهي ما دل عليها قوله تعالى :﴿ مَا تَأْتِيهِم مّنْ رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ ﴾ والمراد بالعباد مكذبو الرسل ويدخل فيهم المهلكون المتقدمون دخولاً أولياً، وقيل : هم المراد وليس بذاك وبالحسرة المناداة حسرتهم والمستهزؤون بالناصحين المخلصين المنوط بنصحهم خير الدارين أحقاء بأن يتحسروا على أنفسهم حيث فوتوا عليها السعادة الأبدية وعوضوها العذاب المقيم، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس.
وأبي.
وعلي بن الحسين.
والضحاك.
ومجاهد.
والحسن ﴿ حَكَمَ بَيْنَ العباد ﴾ بالإضافة، وكون المراد حسرة غيرهم عليهم والإضافة لأدنى ملابسة خلاف الظاهر ؛ وأخرج ابن جرير.
وغيره عن قتادة أنه قال في بعض القرآن ﴿ حسابهم وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ ﴾ الخ.


الصفحة التالية
Icon