وزعم ابن عطية أن أن وصلتها بدل من ﴿ كَمْ ﴾ ولا يخفى أنه إذا جعلها معمول ﴿ أَهْلَكْنَا ﴾ كما هو المعروف لا يسوغ ذلك لأن البدل على نية تكرار العامل ولا معنى لقولك أهلكنا أنهم لا يرجعون ولعله تسامح في ذلك، والمراد بدل من ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ على المعنى كما حكى عن سيبويه، وأما جعل ﴿ كَمْ ﴾ معمولة ليروا والإبدال منها نفسها إذ ذاك فلا يخفى حاله، وقال أبو حيان : الذي تقتضيه صاعة العربية أن ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ الخ معمول لمحذوف دل عليه المعنى وتقديره قضينا أو حكمنا أنهم إليهم لا يرجعون والجملة حال من فاعل ﴿ أَهْلَكْنَا ﴾ على ما قال الغفجاي وأراه أبعد عن القيل والقال بيد أن في الدلالة على المحذوف خفاء فإن لم يلصق بقلبك لذلك فالأقوال بين يديك ولا حجر عليك.
وكأني بك تختار ما نقل عن السيرافي ولا بأس به، وجوز على بعض الأقوال أن يكون الضمير في ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ عائداً على من أسند إليه يروا وفي ﴿ إِلَيْهِمُ ﴾ عائداً على المهلكين، والمعنى أن الباقين لا يرجعون إلى المهلكين ينسب ولا ولادة أي أهلكناهم وقطعنا نسلهم والاهلاك مع قطع النسل أتم وأعم، ويحسن هذا على الوجه المحكى عن السيرافي.
وقرأ ابن عباس.
والحسن ﴿ أَنَّهُ ﴾ بكسر الهمزة على الاستئناف وقطع الجملة عما قبلها من جهة الإعراب.
وقرأ عبد الله ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ مِنْ أَهْلَكْنَا فَإِنَّهُمْ ﴾ الخ على قراءة الفتح بدل اشتمال، ورد بالآية على القائلين بالرجعة كما ذهب إليه الشيعة.
وأخرج عبد بن حميد.
وابن المنذر عن أبي إسحاق قال : قيل لابن عباس أن ناساً يزعمون أن علياً كرم الله تعالى وجهه مبعوث قبل يوم القيامة؟ فسكت ساعة ثم قال : يئس القوم نحن إن نكحنا نساءه واقتسمنا ميراثه أما تقرؤون ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾.
﴿ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾