ذكر الله تعالى أموراً ثلاثة ينحصر فيها المخلوقات فقوله :﴿مِمَّا تُنبِتُ الأرض﴾ يدخل فيها ما في الأرض من الأمور الظاهرة كالنبات والثمار وقوله :﴿وَمِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ يدخل فيها الدلائل النفسية وقوله :﴿وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ﴾ يدخل ما في أقطار السموات وتخوم الأرضين وهذا دليل على أنه لم يذكر ذلك للتخصيص بدليل أن الأنعام مما خلقها الله والمعادن لم يذكرها وإنما ذكر الأشياء لتأكيد معنى العموم كما ذكرنا في المثال.
المسألة الثالثة :
قوله ﴿وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ﴾ فيه معنى لطيف وهو أنه تعالى إنما ذكر كون الكل مخلوقاً لينزه الله عن الشريك فإن المخلوق لا يصلح شريكاً للخلق، لكن التوحيد الحقيقي لا يحصل إلا بالاعتراف بأن لا إله إلا الله، فقال تعالى اعلموا أن المانع من التشريك فيما تعلمون وما لا تعلمون لأن الخلق عام والمانع من الشركة الخلق فلا تشركوا بالله شيئاً مما تعلمون فإنكم تعلمون أنه مخلوق ومما لا تعلمون فإنه عند الله كله مخلوق لكون كله ممكناً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٦ صـ ٥٧ ـ ٦١﴾


الصفحة التالية
Icon