عند قوله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ﴾ حذف الجواب، وههنا أجاب وأتى بأكثر من الجواب وذلك لأنه تعالى لو قال : وإذا قيل لهم أنفقوا قالوا : أنطعم من لو يشاء الله أطعمه لكان كافياً، فما الفائدة في قوله تعالى :﴿قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ ؟ نقول الكفار كانوا يقولون بأن الإطعام من الصفات الحميدة وكانوا يفتخرون به، وإنما أرادوا بذلك القول رداً على المؤمنين فقالوا نحن نطعم الضيوف معتقدين بأن أفعالنا ثناء، ولولا إطعامنا لما اندفع حاجة الضيف وأنتم تقولون إن إلهكم يرزق من يشاء، فلم تقولون لنا أنفقوا ؟ فلما كان غرضهم الرد على المؤمنين لا الامتناع من الإطعام.
قال تعالى عنهم :﴿قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ إشارة إلى الرد، وأما في قولهم :﴿اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ ﴾
[ يس : ٤٥ ] فلم يكن لهم رد على المؤمنين فأعرضوا وأعرض الله عن ذكر إعراضهم لحصول العلم به.
المسألة الثانية :
ما الفائدة في تغيير اللفظ في جوابهم حيث لم يقولوا أننفق على من لو يشاء الله رزقه، وذلك لأنهم أمروا بالإنفاق في قوله :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ﴾ فكان جوابهم بأن يقولوا أننفق فلم قالوا :﴿أَنُطْعِمُ﴾ ؟ نقول فيه بيان غاية مخالفتهم وذلك لأنهم إذا أمروا بالإنفاق والإنفاق يدخل فيه الإطعام وغيره لم يأتوا بالإنفاق ولا بأقل منه وهو الإطعام وقالوا لا نطعم، وهذا كما يقول القائل لغيره أعط زيداً ديناراً يقول لا أعطيه درهماً مع أن المطابق هو أن يقول لا أعطيه ديناراً ولكن المبالغة في هذا الوجه أتم فكذلك ههنا.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon