وهو إشارة إلى ما اعتقدوه وهو أن التقوى المأمور بها في قوله :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا﴾ [ يس : ٤٥ ] والإنفاق المذكور في قوله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ﴾ [ يس : ٤٧ ] لا فائدة فيه لأن الوعد لا حقيقة له وقوله :﴿متى هذا الوعد﴾ أي متى يقع الموعود به، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
وهي أن إن للشرط وهي تستدعي جزاء ومتى استفهام لا يصلح جزاء فما الجواب ؟ نقول هي في الصورة استفهام، وفي المعنى إنكار كأنهم قالوا إن كنتم صادقين في وقوع الحشر فقولوا متى يكون.
المسألة الثانية :
الخطاب مع من في قولهم :﴿إِن كُنتُمْ﴾ ؟ نقول الظاهر أنه مع الأنبياء لأنهم لما أنكروا الرسالة قالوا إن كنتم يا أيها المدعوون للرسالة صادقين فأخبرونا متى يكون.
المسألة الثالثة :
ليس في هذا الموضع وعد فالإشارة بقوله :﴿هذا الوعد﴾ إلى أي وعد ؟ نقول هو ما في قوله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ﴾ [ يس : ٤٥ ] من قيام الساعة، أو نقول هو معلوم وإن لم يكن مذكوراً لكون الأنبياء مقيمين على تذكيرهم بالساعة والحساب والثواب والعقاب.
مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩)
ثم قال تعالى :﴿مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة﴾ أي لا ينتظرون إلا الصيحة المعلومة والتنكير للتكثير، فإن قيل هم ما كانوا ينتظرون بل كانوا يجزمون بعدمها، فنقول الانتظار فعلي لأنهم كانوا يفعلون ما يستحق به فاعله البوار وتعجيل العذاب وتقريب الساعة لولا حكم الله وقدرته وعلمه فإنهم لا يقولون أو نقول لما لم يكن قوله متى استفهاماً حقيقياً قال ينتظرون انتظاراً غير حقيقي، لأن القائل متى يفهم منه الانتظار نظراً إلى قوله.


الصفحة التالية
Icon