﴿قَوْلاً﴾ منصوب بماذا ؟ نقول يحتمل وجوهاً أحدها : نصب على المصدر تقديره على قولنا المراد لهم سلام هو أن يقال لهم سلام يقوله الله قولاً أو تقوله الملائكة قولاً وعلى قولنا ما يدعون سالم لهم تقديره قال الله ذلك قولاً ووعدهم بأن لهم ما يدعون سالم وعداً وعلى قولنا سلام عليهم تقديره أقوله قولاً وقوله :﴿مّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ يكون لبيان أن السلام منه أي سلام عليهم من رب رحيم أقوله قولاً، ويحتمل أن يقال على هذا إنه تمييز لأن السلام قد يكون قولاً وقد يكون فعلاً فإن من يدخل على الملك فيطأطىء رأسه يقول سلمت على الملك، وهو حينئذ كقول القائل البيع موجود حكماً لا حساً وهذا ممنوع عنه قطعاً لا ظناً.
المسألة الثالثة :
قال في السلام ﴿مّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ﴾ وقال في غيره من أنواع الإكرام ﴿نُزُلاً مّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ﴾ [ فصلت : ٣٢ ] فهل بينهما فرق ؟ نقول نعم، أما هناك فلأن النزل ما يرزق النزيل أولاً، وذلك وإن كان يدل عليه ما بعده فإن النزيل إذا أكرم أو لا يدل على أنه مكرم وإذا أخل بإكرامه في الأول يدل على أنه مهان دائماً غير أن ذلك غير مقطوع به، لجواز أن يكون الملك واسع الرزق فيرزق نزيله أولاً ولا يمنع منه الطعام والشراب ويناقشه في غيره فقال غفور لما صدر من العبيد ليأمن العبد ولا يقول بأن الإطعام قد يوجد ممن يعاقب بعده والسلام يظهر مزية تعظيمه للمسلم عليه لا بمغفرة فقال :﴿رَبّ غَفُورٌ﴾ لأن رب الشيء مالكه الذي إذا نظر إلى علو مرتبته لا يرجى منه الإلتفات إليه بالتعظيم، فإذا سلم عليه يعجب منه وقيل انظر هو سيده ويسلم عليه.
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)


الصفحة التالية
Icon