قال القاضي أبو محمد : وهذا غير صحيح الإسناد، وإنما الوجه في قولهم ﴿ من مرقدنا ﴾ أنها استعارة وتشبيه، كما تقول في قتيل هذا مرقده إلى يوم القيامة، وفي كتاب الثعلبي : أنهم قالوا ﴿ من مرقدنا ﴾ لأن عذاب القبر كان كالرقاد في جنب ما صاروا إليه من عذاب جهنم، وقال الزجاج : يجوز أن يكون هذا إشارة إلى المرقد، ثم استأنف بقوله، ﴿ ما وعد الرحمن ﴾ ويضمر الخبر حق أو نحوه، وقال الجمهور : ابتداء الكلام ﴿ هذا ما وعد الرحمن ﴾، واختلف في هذه المقالة من قالها، فقال ابن زيد : هي من قول الكفرة أي لما رأوا البعث والنشور الذي كانوا يكذبون به في الدنيا قالوا ﴿ هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ﴾ وقالت فرقة : ذلك من قول الله تعالى لهم على جهة التوبيخ والتوقيف، وقال الفراء : هو من قول الملائكة، وقال قتادة ومجاهد : هو من قول المؤمنين للكفرة على جهة التقريع، ثم أخبر تعالى أن أمر القيامة والبعث من القبور ما هو ﴿ إلا صيحة واحدة ﴾ فإذا الجميع حاضر محشور، وقرأت فرقة " إلا صيحةً " بالنصب، وقرأ فرقة فرقة " إلا صيحةٌ " بالرفع، وقد تقدم إعراب نظيرها، وقوله ﴿ فاليوم ﴾ نصب على الظرف، ويريد يوم القيامة، والحشر المذكور وهذه مخاطبة يحتمل أن تكون لجميع العالم.
إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (٥٥)


الصفحة التالية
Icon