وروى أنه إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ : أين عبادي الذين أطاعوني وحفظوا عهدي بالغيب؟ فيقومون كأنما وجوههم البدر والكوكب الدريّ، ركباناً على نجب من نور أزمتها من الياقوت، تطير بهم على رؤوس الخلائق، حتى يقوموا بين يدي العرش، فيقول الله جل وعز لهم : السلام على عبادي الذين أطاعوني وحفظوا عهدي بالغيب، أنا اصطفيتكم وأنا اجتبيتكم وأنا اخترتكم، اذهبوا فادخلوا الجنة بغير حساب فَ ﴿ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾.
فيمرون على الصراط كالبرق الخاطف فتفتح لهم أبوابها.
ثم إن الخلق في المحشر موقوفون فيقول بعضهم لبعض : يا قوم أين فلان وفلانا؟ وذلك حين يسأل بعضهم بعضاً فينادي منادٍ ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الجنة اليوم فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾.
و"شُغُلٍ" و "شُغْلِ" لغتان قرىء بهما ؛ مثل الرُّعُبِ والرعْبِ ؛ والسحُت والسحْت ؛ وقد تقدم.
﴿ فَاكِهُونَ ﴾ قال الحسن : مسرورون.
وقال ابن عباس : فرحون.
مجاهد والضحاك : معجبون.
السّدّي : ناعمون.
والمعنى متقارب.
والفكاهة المزاح والكلام الطيّب.
وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج :"فَكِهُونَ" بغير ألف وهما لغتان كالفارِه والفَره، والحاذَر والحَذِر ؛ قاله الفراء.
وقال الكسائي وأبو عبيدة : الفاكه ذو الفاكهة ؛ مثل شاحم ولاحِم وتامِر ولابِن، والفَكِه : المتفكّه والمتّنعم.
و"فَكِهُون" بغير ألف في قول قتادة : معجبون.
وقال أبو زيد : يقال رجل فكِه إذا كان طيب النفس ضحوكاً.
وقرأ طلحَة بن مُصرِّف :"فَاكِهِينَ" نصبه على الحال.
﴿ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأرآئك مُتَّكِئُونَ ﴾ مبتدأ وخبره.
ويجوز أن يكون "هُمْ" توكيداً "وَأَزْوَاجُهُمْ" عطف على المضمر، و "مُتَّكِئُونَ" نعت لقوله "فَاكِهُونَ".
وقراءة العامة :"فِي ظِلاَلٍ" بكسر الظاء والألف.


الصفحة التالية
Icon