وقوله :﴿وذللناها لَهُمْ﴾ زيادة إنعام فإن المملوك إذا كان آبياً متمرداً لا ينفع، فلو كان الإنسان يملك الأنعام وهي نادة صادة لما تم الإنعام الذي في الركوب وإن كان يحصل الأكل كما في الحيوانات الوحشية، بل ما كان يكمل ننعمة الأكل أيضاً إلا بالتعب الذي في الاصطياد، ولعل ذلك لا يتهيأ ( إلا ) للبعض وفي البعض.
وقوله تعالى :﴿فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾ بيان لمنفعة التذليل إذ لولا التذليل لما وجدت إحدى المنفعتين وكانت الأخرى قليلة الوجود.
وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٧٣)
ثم بين تعالى غير الركوب والأكل من الفوائد بقوله تعالى :﴿وَلَهُمْ فِيهَا منافع ومشارب﴾ وذلك لأن من الحيوانات ما لا يركب كالغنم فقال : منافع لتعمها والمشارب كذلك عامة، إن قلنا بأن المراد جمع مشرب وهو الآنية فإن من الجلود ما يتخذ أواني للشرب والأدوات من القرب ( وغيرها )، وإن قلنا : إن المراد المشروب وهو الألبان والأسمان فهي مختصة بالإناث ولكن بسبب الذكور فإن ذلك متوقف على الحمل وهو بالذكور والإناث.
ثم قال تعالى :﴿أَفَلاَ يَشْكُرُونَ﴾ هذه النعم التي توجب العبادة شكراً، ولو شكرتم لزادكم من فضله، ولو كفرتم لسلبها منكم، فما قولكم، أفلا تشكرون استدامة لها واستزادة فيها ؟.
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤)
إشارة إلى بيان زيادة ضلالهم ونهايتها، فإنهم كان الواجب عليهم عبادة الله شكراً لأنعمه، فتركوها وأقبلوا على عبادة من لا يضر ولا ينفع، وتوقعوا منه النصرة مع أنهم هم الناصرون لهم كما قال عنهم :﴿حَرّقُوهُ وانصروا ءالِهَتَكُمْ﴾ [ الأنبياء : ٦٨ ] وفي الحقيقة لا هي ناصرة ولا منصورة.
لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (٧٥)